هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى
أخبار منتدى الطنطاوى
بناء على رغبة الكثير من الأعضاء تم انشاء منتدى مدفوع لفضيلة القارئ الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى بما فيه من مميزات أتمنى من الله العلى القدير أن ينال اعجابكم وبه تزيد موضوعاتكم
والى حضراتكم رابط المنتدى الجديد
http://eltantawy.fakaka.com/
نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى
3 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الأحد 24 أكتوبر 2010 - 2:28
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعا إخوانى وأخواتى من أعضاء المنتدى الحبيب وأسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعل ما نقدمه فى ميزان حسناتنا وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يحسن ختامنا أجمعين أيها الأحبة الكرام أردت أن أستفيد من مناقشة بعض المواضع التى تتعلق بنا دينيا واجتماعيا وسياسيا ومن جميع نواحى حياتنا العملية 000استفيد من مناقشة حضراتكم لهذ المواضيع الهامة وكل يدلى بمناقشته ولو كانت قليلة فإنه ولا شك سنتفيد جميعا بإذن الله جل وعلا وإلى حضراتكم الموضوع الأول إجراء الأحكام على " الناس " ولاحظ جيدا كلمة الناس فهى كلمة عامة تشمل المسلم وغير المسلم كيف تكون المعاملة ؟؟؟؟ هل على ظواهر الناس أم على بواطنهم ؟؟؟؟؟ وعلام يستند كلامك أخى الحبيب اختى الكريمة ؟؟؟؟ أرجوا المشاركة وإن شاء الله نخرج فى نهاية الحوار الهادف بإذن الله نخرج بفوائد نتفق عليها جميعا وفى انتظار لمشاركاتكم وآرائكم وفق الله الجميع لما فيه الخير والفلاح والنجاح
المجاهدة
عدد المساهمات : 144 نقاط : 191 تاريخ التسجيل : 13/05/2010 العمر : 34
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 0:01
اللهم صل على سيدنا محمد....جزاكم الله خيرا والموضوع لاشك يحتاج تحضير لنجنى الفائدة المرجوه والله المستعان
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 0:21
المجاهدة كتب:
اللهم صل على سيدنا محمد....جزاكم الله خيرا والموضوع لاشك يحتاج تحضير لنجنى الفائدة المرجوه والله المستعان
نعم أختى الفاضلة / المجاهدة بارك الله فيكم _______ ومن هنا أختى الكريمة تأتى أول الثمار وهو ما ذكرتيه آنفا وهو " التحضير " جزاكم الله تعالى خيرا على المشاركة القيمة ونننظر ما لديكم أختنا الفاضلة وما لدى أحبابنا الكرام وتقبل الله منا ومنكم والله المستعان
المجاهدة
عدد المساهمات : 144 نقاط : 191 تاريخ التسجيل : 13/05/2010 العمر : 34
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 21:52
ربما يتبادر في ذهن الكثير منا عندما يشاهد هذه الصورة بأني أرى
[ نقطة سوادء]
وهكذا نحن البشر ،،
ننسى [البياض] الواسع الذي يحيط بهذه النقطة ،،
ونركز فقط عليها ،،
مثلما نرى عيوب الآخرين ،،
فنحن نحاول أن نتغاضى عن حسناتهم ،،
أو محيطهم الأبيض الواسع ،، نرمي بنظرنا فقط على سيئاتهم ولو كانت صغيرة ً جداً في وسط هذا المحيط الهائل نحكم على الشخص بالنقطة السوداء التي نراها
يتبع بإذن الله
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 17:13
بارك الله فيكم أختنا الفاضة / المجاهدة على المقدمة الطيبة تقبل الله منا ومنكم وأن شاء الله تعالى سيكون الموضوع هادفا بفضله جل وعلا وأعاننا الله وإياكم وتقبل منا ومنكم
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 18:37
الحمد لله رب العالمين له الحمد والشكر إلى يوم الدين إله تحبب إلى عباده بنعمه وآلائه وابتدأهم سبحناه بإحسانه العظيم وعطائه فعياذا بعزته جل جلاله أن يختم بالإساءة وقد بدأنا بالإحسان فله سبحانه الحمد والشكر والنعمة والأمر والثناء الحسن الجميل والإمتنان 0000وصلاة وسلاما على إمام الأنبياء والمرسلين وخير خلق الله أحمعين محمداً بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين0000أما بعد
الله تبارك وتعالى حين خلق الخلق فرض عليهم حقه سبحانه جل وعلا وعظم فى الناس تأدية الفرائض بوجوبها عليهم وجوبا يثاب فاعلها ويعاقب تاركها وهذا من عظيم حكمة الله وقوتى البالغة التى ليس كمثلها قوة وحكمة أبدا والناس تتفاوت فى كل شئ منهم المسلم والمؤمن والمحسن ومنهم الكافر والفاجر والفاسق وهكذا فهى سنة الله فى أرضه وخلقه ومن عظيم رحمة الله بخلقه أنه لا يحاسبهم إلا هو ولا يحكم على أحد بإيملن أو كفر إلا هو وحده لذا قال أهل العلم : إجراء الأحكام على الناس يكون بظواهرهم أما البواطن فهى لله وحده لا ينازعه أحد أبدا فى حكمه ومقصود الكلام ن أعمال الناس فى الدنيا تنقسم إلى قسمين : الأول : أعمال الظاهر ، الثانى : أعمال الباطن وأعمال الظاهر هى أعمال الجوارج كلها العينان واليدان والرجلان واللسان والأذنان وهى ما ظهر للناس فعلها على وجه الحقيقة ____اما أعمال الباطن فهى تختص بالقلب وحده وهو ما خفى على الناس معتقده على وجه الحقيقة لذالك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من دعائه لربه جل وعلا بتثبيت قلبه فيقول " اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبى على دينك " 0000فى الصحيحن لما نزلت أواخر سورة البقرة " لله ما فى السماوات وما فى الأرض وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير" عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه فَيَغْفِر لِمَنْ يَشَاء وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " اِشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَوْا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَب وَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَال مَا نُطِيق الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْجِهَاد وَالصَّدَقَة وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْك هَذِهِ الْآيَة وَلَا نُطِيقهَا فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْل الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلكُمْ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟ بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانك رَبّنَا وَإِلَيْك الْمَصِير " . فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْم وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتهمْ أَنْزَلَ اللَّه فِي أَثَرهَا " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانك رَبّنَا وَإِلَيْك الْمَصِير " فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه : " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اِكْتَسَبَتْ رَبّنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " إِلَى آخِره وَرَوَاهُ مُسْلِم مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن زُرَيْع عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَ مِثْله وَلَفْظه فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه " لَا يُكَلِّف اللَّه نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اِكْتَسَبَتْ رَبّنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" قَالَ نَعَمْ " رَبّنَا وَلَا تَحْمِل عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْته عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلنَا " قَالَ نَعَمْ " رَبّنَا وَلَا تُحَمِّلنَا مَا لَا طَاقَة لَنَا بِهِ " قَالَ نَعَمْ " وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْم الْكَافِرِينَ00000هذا كما جاء فى تفسير ابن كثير رحمه الله وللموضوع تتمة إن شاء الله تعالى
المجاهدة
عدد المساهمات : 144 نقاط : 191 تاريخ التسجيل : 13/05/2010 العمر : 34
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 23:50
ـ باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى
قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة: 5] .
1/390 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى )) متفق عليه (234) .
3/391 ـ وعن أبي عبد الله طارق بن أشيم رضي الله عنه، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ؛ حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى )) رواه مسلم (235) .
3/392 ـ وعن أبي معبد المقداد بن الأسود رضي الله عنه ، قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرايت إن لقيت رجلاً من الكفار ، فاقتتلنا ، فضرب إحدى يدي بالسيف ، فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة ، فقال (( أسلمت لله )) أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ فقال (( لا تقتله )) . فقلت : يا رسول الله قطع إحدى يدي ، ثم قال ذلك بعد ما قطعها ؟ ! فقال : (( لا تقتله ، فإن قتلته ، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال )) متفق عليه (236) . ومعنى (( أنه بمنزلتك )) أي : معصوم الدم محكوم بإسلامه ، ومعنى (( أنك بمنزلته )) أي : مباح الدم بالقصاص لورثته ، لا أنه بمنزلته في الكفر ، والله أعلم .
4/393 ـ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم على مياههم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف عنه الأنصاري ، وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا المدينة ، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : (( يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ فما زال يكررها على حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) متفق عليه(237) . وفي رواية : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟! )) قلت : يا رسول الله ، إنما قالها خوفا من السلاح ، قال : (( أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟! )) فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . (( الحرقة )) بضم الحاء المهملة وفتح الراء : بطن من جهينة القبيلة المعروف ، وقوله : (( متعوذاً )) : أي معتصماً بها من القتل لا معتقداً لها .
الـشـرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب حمل الناس على ظواهرهم ، وأن يكل الإنسان سرائرهم إلى الله عز وجل. أولاً : اعلم أن العبرة في الدنيا بما في الظواهر ؛ اللسان والجوارح ، وأن العبرة في الآخرة بما في السرائر بالقلب . فالإنسان يوم القيامة يحاسب على ما في قلبه ، وفي الدنيا على ما في لسانه وجوارحه ، قال الله تبارك وتعالى: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [الطارق: 8 ،9 ] ، تختبر السرائر والقلوب. وقال تعالى: ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) [العاديات : 9 ـ11 ] .
فاحرص يا أخي على طهارة قلبك قبل طهارة جوارحك . كم من إنسان يصلي ، ويصوم ، ويتصدق ، ويحج ، لكن قلبه فاسد .
وهاهم الخوارج حدث عنهم النبي عليه الصلاة والسلام ؛ أنهم يصلون ، ويصومون ، ويتصدقون ، ويقرؤون القرآن ، ويقومون الليل ، ويبكون ، ويتهجدون ، ويحقر الصحابي صلاته عند صلاتهم ، لكن قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( لا يجاوز إيمانهم حناجرهم )) (238) لا يدخل الإيمان قلوبهم .
مع أنهم صالحو الظواهر ، لكن ما نفعهم . فلا تغتر بصلاح جوارحك ، وانظر قبل كل شيء إلى قلبك ، أسأل الله أن يصلح قلبي وقلوبكم . أهم شيء هو القلب .
رفع رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قد شرب الخمر فجلده ، ثم رفع إليه مرة أخرى فجلده ، فسبه رجل من الصحابة ، وقال : لعنه الله ، ما أكثر ما يؤتى به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام . فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا تلعنه ؛ فإن يحب الله ورسوله ))(239) فالقلب هو الأصل ولهذا قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ) [المائدة:41] .
أما في الدنيا بالنسبة لنا مع غيرنا ، فالواجب إجراء الناس على ظواهرهم ؛ لأننا لا نعلم الغيب ، ولا نعلم ما في القلوب ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما أقضي بنحو ما أسمع))(240) ولسنا مكلفين بأن نبحث عما في قلوب الناس ، ولهذا قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [التوبة: 5] ، يعني المشركين إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ؛ فخلوا سبيلهم وأمرهم إلى الله ، إن الله غفور رحيم .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، وحسابهم على الله )) .
وبذلك يكون العمل بالظواهر ؛ فإذا شهد إنسان أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ؛ عصم دمه وماله ، وحسابه على الله ؛ فليس لنا إلا الظاهر .
وكذلك أيضا من قال لا إله إلا الله ؛ حرم دمه وماله ، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام .
ثم ذكر المؤلف حديثين عجيبين فيهما قصتان عجيبتان :
الأول : حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، إن لقيت رجلاً من المشركين ، فقاتلته ، فضربني بالسيف حتى قطع يدي ، ثم لاذ مني بشجرة ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله . أفأقتله ؟ قال : ((لا تقتله)) وهو مشرك قطع يد رجل مسلم ، ولاذ بالشجرة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله . قال : أأقتله ؟ قال (( لا تقتله )) ، فإن قتلته فأنت مثله قبل أن يقول هذه الكلمة ، يعني تكون كافراً . مع العلم بأني أنا وأنتم ، نظن أن هذا الرجل قال أشهد أن لا إله إلا الله خوفاً من القتل ، ومع ذلك يقول : لا تقتله ، فعصم دمه وماله .
وفي هذا الحديث أيضاً الدليل على أن ما أتلفه الكفار من أموال المسلمين وما جنوه على المسلمين غير مضمون . يعني الكافر لو أتلف شيئاً للمسلمين ، أو قتل نفساً لا يضمن إذا أسلم ، فالإسلام يمحو ما قبله .
القصة الثانية : بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد في سرية إلى الحرقة من جهينة ، فلما وصلوا إلى القوم وغشوهم ، هرب من المشركين رجل ، فلحقه أسامة ورجل من الأنصار يتبعانه يريدان قتله ، فلما أدركاه قال : لا إله إلا الله ، أما الأنصاري فكان أفقه من أسامة ، فكف عنه ، تركه لما قال لا إله إلا الله . وأما أسامة فقتله . فلما رجعوا إلى المدينة . وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسامة : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا لله )) قال : نعم يا رسول الله ؛ إنما قال ذلك يتعوذ من القتل ، يستجير بها من القتل ، قال : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله )) قال : نعم قالها يتعوذ من القتل . كرر ذلك عليه ، حتى قال له في رواية لمسلم : (( ما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة ؟ )) . يقول أسامة رضي الله عنه : حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل هذا اليوم ؛ لأنه لو كان كافراً ثم أسلم عفا الله عنه ، لكن الآن فعل هذا الفعل وهو مسلم ، فهذا مشكل جداً على أسامة . والرسول صلى الله عليه وسلم يكرر : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله )) . (( ما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة ؟ )) . مع العلم بأن الذي يغلب على الظن ما فهمه أسامة ؛ أنه قالها متعوذاً من القتل يستجير بها من القتل ، لكن مع ذلك إذا قال لا إله إلا الله انتهى الأمر ويجب الكف عنه ، ويعصم بذلك دمه وماله ، وإن كان قالها متعوذاً أو قالها نفاقاً ، فحسابه على الله .
فهذا دليل على أننا نحمل الناس في الدنيا على ظواهرهم ، أما ما في القلوب فموعده يوم القيامة ، تنكشف السرائر، ويحصل ما في الضمائر ، ولهذا علينا أيها الأخوة أن نطهر قلوبنا قبل كل شيء ثم جوارحنا .
أما بالنسبة لمعاملتنا لغيرنا ، فعلينا أن نعامل غيرنا بالظاهر . واسمع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إنكم تختصمون إلىّ )) يعني تخاصمون مخاصمات بينكم (( ولعل يعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض )) يعني أفصح وأقوى دعوى (( فأقضي له بنحو ما أسمع ، فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقتطع له جمرة من نار ، فليستقل أو ليستكثر )) (241) .
فحمل النبي عليه الصلاة والسلام الأمر في الخصومة على الظاهر ، لكن وراءك النار إذا كنت كاذباً في دعواك ، وأنك أخذت القاضي بلسانك وبشهادة الزور ، فإنما يقتطع لك جمرة من النار فاستقل أو استكثر .
وخلاصة ما تقدم: أن الإنسان في الدنيا على الظاهر ، وأما يوم القيامة فعلى الباطن .
فعلينا نحن أن نعامل غيرنا يظهر لنا من حاله ، وأمره إلى الله ، وعلينا نحن أنفسنا أن نطهر قلوبنا ، لا يكون فيها شيء ؛ لا يكون فيها بلاء ، كبر ، حقد ، حسد ، شرك ، شك ، نسأل الله أن يعيذنا من هذه الأخلاق ، فإن هذا خطير جداً . نسأل الله أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال ، لا يهدي لأحسنها إلا هو ، وأن يجنبنا سيئات الأخلاق والأعمال ، ولا يجنبنا إياها إلا هو .
* * *
6/395 ـ وعن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول : إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً ، أمناه وقربناه ، وليس لنا من سريرته شيء ، الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءاً ، لم نأمنه ، ولم نصدقه وإن قال : إن سريرته حسنة )) رواه البخاري(242) .
الـشـرح قال المؤلف فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من رواية عبد الله بن عتبة بن مسعود ؛ عمه عبد الله ابن مسعود ـ الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إنا نعلم يعني عمن أسر سريرة باطلة في وقت الوحي بما بنزل من الوحي ؛ لأن أناساً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا منافقين يظهرون الخير ويبطنون الشر، ولكن الله تعالى كان يفضحهم بما ينزل من الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم ، يفضحهم لا بأسمائهم ، ولن بأوصافهم التي تحدد أعيانهم .
والحكمة من ذكرهم بالأوصاف دون الأعيان ؛ أن ذلك يكون للعموم ، يعني لكل من اتصف بهذه الصفات ، مثل قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُم نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِم إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:75،77] ومثل قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) [التوبة:58] ومثل قوله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ) [التوبة: 79]
وهذا كثير في سورة التوبة التي سماها بعض السلف : الفاضحة ؛ لأنها فضحت المنافقين .
لكن لما انقطع الوحي صار الناس لا يعلمون من المنافق ؛ لأن النفاق في القلب والعياذ بالله .
يقول رضي الله عنه : من أظهر لنا خيراً ؛ أخذناه بما أطهر لنا ، وإن أسر سريرة ، يعني سيئة ، ومن أظهر لنا شراً ، فإننا نأخذ بشره ولو أضمر ضميرةً طيبة ؛ لأننا نحن لا نكلف إلا بالظاهر ، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا ألا نحكم إلا بالظاهر ؛ لأن الحكم على الباطن من الأمور الشاقة ، والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها .
فمن أبدى خيراً ؛ عاملناه بخيره الذي أبداه لنا ، ومن أبدى شراً ؛ عاملناه بشره الذي أبداه لنا ، وليس لنا من نيته مسؤولية ، النية موكولة إلى رب العالمين عز وجل ، الذي يعلم ما توسوس به نفس الإنسان .
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الأربعاء 27 أكتوبر 2010 - 0:39
المجاهدة كتب:
ـ باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى
قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة: 5] .
1/390 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى )) متفق عليه (234) .
3/391 ـ وعن أبي عبد الله طارق بن أشيم رضي الله عنه، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ؛ حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى )) رواه مسلم (235) .
3/392 ـ وعن أبي معبد المقداد بن الأسود رضي الله عنه ، قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرايت إن لقيت رجلاً من الكفار ، فاقتتلنا ، فضرب إحدى يدي بالسيف ، فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة ، فقال (( أسلمت لله )) أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ فقال (( لا تقتله )) . فقلت : يا رسول الله قطع إحدى يدي ، ثم قال ذلك بعد ما قطعها ؟ ! فقال : (( لا تقتله ، فإن قتلته ، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال )) متفق عليه (236) . ومعنى (( أنه بمنزلتك )) أي : معصوم الدم محكوم بإسلامه ، ومعنى (( أنك بمنزلته )) أي : مباح الدم بالقصاص لورثته ، لا أنه بمنزلته في الكفر ، والله أعلم .
4/393 ـ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم على مياههم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف عنه الأنصاري ، وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا المدينة ، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : (( يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ فما زال يكررها على حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) متفق عليه(237) . وفي رواية : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟! )) قلت : يا رسول الله ، إنما قالها خوفا من السلاح ، قال : (( أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟! )) فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . (( الحرقة )) بضم الحاء المهملة وفتح الراء : بطن من جهينة القبيلة المعروف ، وقوله : (( متعوذاً )) : أي معتصماً بها من القتل لا معتقداً لها .
الـشـرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب حمل الناس على ظواهرهم ، وأن يكل الإنسان سرائرهم إلى الله عز وجل. أولاً : اعلم أن العبرة في الدنيا بما في الظواهر ؛ اللسان والجوارح ، وأن العبرة في الآخرة بما في السرائر بالقلب . فالإنسان يوم القيامة يحاسب على ما في قلبه ، وفي الدنيا على ما في لسانه وجوارحه ، قال الله تبارك وتعالى: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [الطارق: 8 ،9 ] ، تختبر السرائر والقلوب. وقال تعالى: ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) [العاديات : 9 ـ11 ] .
فاحرص يا أخي على طهارة قلبك قبل طهارة جوارحك . كم من إنسان يصلي ، ويصوم ، ويتصدق ، ويحج ، لكن قلبه فاسد .
وهاهم الخوارج حدث عنهم النبي عليه الصلاة والسلام ؛ أنهم يصلون ، ويصومون ، ويتصدقون ، ويقرؤون القرآن ، ويقومون الليل ، ويبكون ، ويتهجدون ، ويحقر الصحابي صلاته عند صلاتهم ، لكن قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( لا يجاوز إيمانهم حناجرهم )) (238) لا يدخل الإيمان قلوبهم .
مع أنهم صالحو الظواهر ، لكن ما نفعهم . فلا تغتر بصلاح جوارحك ، وانظر قبل كل شيء إلى قلبك ، أسأل الله أن يصلح قلبي وقلوبكم . أهم شيء هو القلب .
رفع رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قد شرب الخمر فجلده ، ثم رفع إليه مرة أخرى فجلده ، فسبه رجل من الصحابة ، وقال : لعنه الله ، ما أكثر ما يؤتى به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام . فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا تلعنه ؛ فإن يحب الله ورسوله ))(239) فالقلب هو الأصل ولهذا قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ) [المائدة:41] .
أما في الدنيا بالنسبة لنا مع غيرنا ، فالواجب إجراء الناس على ظواهرهم ؛ لأننا لا نعلم الغيب ، ولا نعلم ما في القلوب ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما أقضي بنحو ما أسمع))(240) ولسنا مكلفين بأن نبحث عما في قلوب الناس ، ولهذا قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [التوبة: 5] ، يعني المشركين إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ؛ فخلوا سبيلهم وأمرهم إلى الله ، إن الله غفور رحيم .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، وحسابهم على الله )) .
وبذلك يكون العمل بالظواهر ؛ فإذا شهد إنسان أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ؛ عصم دمه وماله ، وحسابه على الله ؛ فليس لنا إلا الظاهر .
وكذلك أيضا من قال لا إله إلا الله ؛ حرم دمه وماله ، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام .
ثم ذكر المؤلف حديثين عجيبين فيهما قصتان عجيبتان :
الأول : حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، إن لقيت رجلاً من المشركين ، فقاتلته ، فضربني بالسيف حتى قطع يدي ، ثم لاذ مني بشجرة ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله . أفأقتله ؟ قال : ((لا تقتله)) وهو مشرك قطع يد رجل مسلم ، ولاذ بالشجرة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله . قال : أأقتله ؟ قال (( لا تقتله )) ، فإن قتلته فأنت مثله قبل أن يقول هذه الكلمة ، يعني تكون كافراً . مع العلم بأني أنا وأنتم ، نظن أن هذا الرجل قال أشهد أن لا إله إلا الله خوفاً من القتل ، ومع ذلك يقول : لا تقتله ، فعصم دمه وماله .
وفي هذا الحديث أيضاً الدليل على أن ما أتلفه الكفار من أموال المسلمين وما جنوه على المسلمين غير مضمون . يعني الكافر لو أتلف شيئاً للمسلمين ، أو قتل نفساً لا يضمن إذا أسلم ، فالإسلام يمحو ما قبله .
القصة الثانية : بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد في سرية إلى الحرقة من جهينة ، فلما وصلوا إلى القوم وغشوهم ، هرب من المشركين رجل ، فلحقه أسامة ورجل من الأنصار يتبعانه يريدان قتله ، فلما أدركاه قال : لا إله إلا الله ، أما الأنصاري فكان أفقه من أسامة ، فكف عنه ، تركه لما قال لا إله إلا الله . وأما أسامة فقتله . فلما رجعوا إلى المدينة . وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسامة : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا لله )) قال : نعم يا رسول الله ؛ إنما قال ذلك يتعوذ من القتل ، يستجير بها من القتل ، قال : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله )) قال : نعم قالها يتعوذ من القتل . كرر ذلك عليه ، حتى قال له في رواية لمسلم : (( ما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة ؟ )) . يقول أسامة رضي الله عنه : حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل هذا اليوم ؛ لأنه لو كان كافراً ثم أسلم عفا الله عنه ، لكن الآن فعل هذا الفعل وهو مسلم ، فهذا مشكل جداً على أسامة . والرسول صلى الله عليه وسلم يكرر : (( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله )) . (( ما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة ؟ )) . مع العلم بأن الذي يغلب على الظن ما فهمه أسامة ؛ أنه قالها متعوذاً من القتل يستجير بها من القتل ، لكن مع ذلك إذا قال لا إله إلا الله انتهى الأمر ويجب الكف عنه ، ويعصم بذلك دمه وماله ، وإن كان قالها متعوذاً أو قالها نفاقاً ، فحسابه على الله .
فهذا دليل على أننا نحمل الناس في الدنيا على ظواهرهم ، أما ما في القلوب فموعده يوم القيامة ، تنكشف السرائر، ويحصل ما في الضمائر ، ولهذا علينا أيها الأخوة أن نطهر قلوبنا قبل كل شيء ثم جوارحنا .
أما بالنسبة لمعاملتنا لغيرنا ، فعلينا أن نعامل غيرنا بالظاهر . واسمع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إنكم تختصمون إلىّ )) يعني تخاصمون مخاصمات بينكم (( ولعل يعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض )) يعني أفصح وأقوى دعوى (( فأقضي له بنحو ما أسمع ، فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقتطع له جمرة من نار ، فليستقل أو ليستكثر )) (241) .
فحمل النبي عليه الصلاة والسلام الأمر في الخصومة على الظاهر ، لكن وراءك النار إذا كنت كاذباً في دعواك ، وأنك أخذت القاضي بلسانك وبشهادة الزور ، فإنما يقتطع لك جمرة من النار فاستقل أو استكثر .
وخلاصة ما تقدم: أن الإنسان في الدنيا على الظاهر ، وأما يوم القيامة فعلى الباطن .
فعلينا نحن أن نعامل غيرنا يظهر لنا من حاله ، وأمره إلى الله ، وعلينا نحن أنفسنا أن نطهر قلوبنا ، لا يكون فيها شيء ؛ لا يكون فيها بلاء ، كبر ، حقد ، حسد ، شرك ، شك ، نسأل الله أن يعيذنا من هذه الأخلاق ، فإن هذا خطير جداً . نسأل الله أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال ، لا يهدي لأحسنها إلا هو ، وأن يجنبنا سيئات الأخلاق والأعمال ، ولا يجنبنا إياها إلا هو .
* * *
6/395 ـ وعن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول : إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً ، أمناه وقربناه ، وليس لنا من سريرته شيء ، الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءاً ، لم نأمنه ، ولم نصدقه وإن قال : إن سريرته حسنة )) رواه البخاري(242) .
الـشـرح قال المؤلف فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من رواية عبد الله بن عتبة بن مسعود ؛ عمه عبد الله ابن مسعود ـ الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إنا نعلم يعني عمن أسر سريرة باطلة في وقت الوحي بما بنزل من الوحي ؛ لأن أناساً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا منافقين يظهرون الخير ويبطنون الشر، ولكن الله تعالى كان يفضحهم بما ينزل من الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم ، يفضحهم لا بأسمائهم ، ولن بأوصافهم التي تحدد أعيانهم .
والحكمة من ذكرهم بالأوصاف دون الأعيان ؛ أن ذلك يكون للعموم ، يعني لكل من اتصف بهذه الصفات ، مثل قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُم نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِم إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:75،77] ومثل قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) [التوبة:58] ومثل قوله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ) [التوبة: 79]
وهذا كثير في سورة التوبة التي سماها بعض السلف : الفاضحة ؛ لأنها فضحت المنافقين .
لكن لما انقطع الوحي صار الناس لا يعلمون من المنافق ؛ لأن النفاق في القلب والعياذ بالله .
يقول رضي الله عنه : من أظهر لنا خيراً ؛ أخذناه بما أطهر لنا ، وإن أسر سريرة ، يعني سيئة ، ومن أظهر لنا شراً ، فإننا نأخذ بشره ولو أضمر ضميرةً طيبة ؛ لأننا نحن لا نكلف إلا بالظاهر ، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا ألا نحكم إلا بالظاهر ؛ لأن الحكم على الباطن من الأمور الشاقة ، والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها .
فمن أبدى خيراً ؛ عاملناه بخيره الذي أبداه لنا ، ومن أبدى شراً ؛ عاملناه بشره الذي أبداه لنا ، وليس لنا من نيته مسؤولية ، النية موكولة إلى رب العالمين عز وجل ، الذي يعلم ما توسوس به نفس الإنسان .
بارك الله فيكم أختنا الفاضلة / المجاهدة وفتح الله عليكم فلقد استفدنا من كتاب رياض الصالحين بشرح فضيلة العالم العلامة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وجزاه عنا وعن الامة كلها خير الجزاء 0000شكر الله لكم وللموضوع تتمة إن شاء الله رب العالمين 000جزااكم الله خيرااااا
الشيخ سلمان
عدد المساهمات : 286 نقاط : 308 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الخميس 28 أكتوبر 2010 - 23:24
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مما ذكر من الآيات والأحاديث وأقوال المفسرين والعلماء نستنبط ما يلى أولا : إجراء الأحكام على الناس يكون بظواهرهم أما البواطن والسرائر فهى إلى الله تعالى وحده _______________________________________ ثانيا :هذا الكلام السابق يقال فيمن صحت عقيدته وظهرت سريرته بحب الإسلام والمسلمين بمعنى أن من فسد معتقده وظهرت سريرته بكره الإسلام والمسلمين كالمنافقين وغيرهم فهولاء لا يحكم عليهم بظاهرهم وفقط إنما بما بدى لنا كما قيل فى مقولة عمر بن الخطاب الرائعة رضى الله عنه _______________________________________
ثالثا : خطأ جسيم ويقع فيه الكثير منا إلا من رحمهم الله تعالى وهو الحكم على الناس بفساد وكفر وظلم ويكون الحكم على إطلاقه ___بمعنى يحكم الناس على رجل ما بكونه فاسقا ولا يغفر الله له أبدا وأنه من أهل النار ولا يعلم الناس ان الله تعالى قد حكم فى قضية كمثل هذه وتوعد من يتهاون فيها بوعيد شديد والقصة فى خلاصة تكمن فى رجلى بنى اسرائيل حين قال أحدهما لأخر لما رآه مصرا على المعصية قال : لا يغفر الله لفلان فقال الله تعالى : من هذا الذى يتألى على ألا أغفر لفلان ؟؟؟ ففى رواية أن الله تعالى قال له : قد غفرت له وأحبطت عملك ___ وفى رواية أخرى قال الله تعالى له : إستأنف العمل 000وهذه مصيبة والعياذ بالله ومن هنا لا نحكم على أى شخص بفساد أو ظلم أو طغيان 0000الخ إلا إذا ظهر معتقدة الخبيث كالشيعة وغيرهم قاتلهم الله
_____________________________________________
رابعا : شاهد من التاريخ الحديث : الرئيس العراقى " صدام حسين " رحمه الله تعالى وكلنا نعلم أن الرجل قد افضى إلى الله تعالى لكن كلنا أيضا يعلم كيف كانت حياته عجيبه لكن سبحان الله إذا أراد بعبده خيرا أحسن له الخاتمة ولا أنسى مقولة الشيخ / محمد حسين يعقوب حفظه الله عنه حين قال : سبحان الله حياة عجيبة ونهاية أعجب 0000الرجل كان آخر كلامه " اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول " ويقولون له قاتلهم الله: إلى النار وبئس المصير يقول : إلى الجنة إن شاء الله ثبات فى موقف كهذا لا يثبت إلا من وفقه الله وأراد به الخير ----رحمه الله وهذه لنا عظة وعبرة
على عبد الدايم
عدد المساهمات : 329 نقاط : 333 تاريخ التسجيل : 26/07/2010 العمر : 53
موضوع: رد: نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى الأربعاء 8 ديسمبر 2010 - 23:52
جزاك الله ألف خير
نطرح بفضل الله مواضيع للمناقشة الهادفة ونخرج منها بفوائد إن شاء الله تعالى