منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى
منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى
منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أخبار منتدى الطنطاوى
بناء على رغبة الكثير من الأعضاء تم انشاء منتدى مدفوع لفضيلة القارئ الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى بما فيه من مميزات أتمنى من الله العلى القدير أن ينال اعجابكم وبه تزيد موضوعاتكم والى حضراتكم رابط المنتدى الجديد http://eltantawy.fakaka.com/
المواضيع الأخيرة
» تلاوة جميله للشيخ محمد حسن المهدى 8-1-2011 ميت الاكراد
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأربعاء 12 يناير 2011 - 14:17 من طرف رضا الشناوى

» بناء على رغبة الكثير من الأعضاء - اليكم منتدى الطنطاوى الجديد
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأربعاء 12 يناير 2011 - 0:46 من طرف ebrahim100

» مفاجأت 2011 الرعد والانشقاق بتاريخ 2/1/2011 السلاميه مركز أجا جميله
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأربعاء 12 يناير 2011 - 0:15 من طرف ebrahim100

» شرايــــــــط الشيخ اســــامة جـــلال عــــامــــر
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالإثنين 10 يناير 2011 - 8:12 من طرف محمد حمزة المهر

» نادرة النوادر المرئية لشيخ القراء المبدع فضيلة الشيخ / محمدعبدالوهاب الطنطاوى 9/11/1995
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 9 يناير 2011 - 16:17 من طرف حسين الحانوتى

» الشاب معتز محمد العلوى ورائعه علويه طنطاويه جديده وعزاء كامل بمنشأة الأخوه بتاريخ 5/1/2011
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 9 يناير 2011 - 13:48 من طرف رضا الشناوى

» بناء على رغبة الكثير من الأعضاء - اليكم منتدى الطنطاوى الجديد
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 9 يناير 2011 - 8:50 من طرف أبو جمال باشا

» سورة الملك والقلم والعلق لفضيلة الشيخ / محمد عبد الوهاب الطنطاوي
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 9 يناير 2011 - 8:46 من طرف أبو جمال باشا

» عزاء كامل لفضيلة الشيخ الطنطاوى - ميت محمود 8-12-2010
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالسبت 8 يناير 2011 - 19:54 من طرف على الشحات شحبر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد عاقول
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
ابراهيم السعيد
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
على عبد الدايم
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
أبو جمال باشا
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
الشيخ سلمان
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
الحاج محمد الامام
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
رفعت
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
ebrahim100
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
اشرف النمر
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
المجاهدة
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_rcapالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Voting_barالإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Vote_lcap 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم

 

 الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المجاهدة

المجاهدة


عدد المساهمات : 144
نقاط : 191
تاريخ التسجيل : 13/05/2010
العمر : 34

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 11 يوليو 2010 - 21:33

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين




الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية

‏بقلم الدكتور‏:‏ زغلـول النجـار



الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Szanagar12


(196)‏ أمن يبدأ الخلق ثم يعيده‏...*‏
‏*(‏ النمل‏:64)*‏




هذاالنص القرآني الكريم جاء في بداية الثلث الأخير من سورة النمل‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها ثلاث وتسعون‏(93)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي وادي النمل الذي مر به نبي الله سليمان ـ عليه السلام ـ وجنوده‏,‏ فنطقت نملة بلغتها الخاصة آمرة بقية أفراد مستعمرتها من النمل بالدخول إلي مساكنهم ومحذرة إياهم من إمكانية أن يطأهم سليمان وجنوده بأقدامهم أو بحوافر خيلهم فيحطمونهم وهم لا يشعرون‏.‏ وفي هذه الواقعة من الدلالات القاطعة علي تملك النمل ـ كغيره من مخلوقات الله ـ لقدر من الوعي والادراك‏,‏ وقدرة علي الفهم والتخاطب‏,‏ والعلوم المكتسبة قد بدأت بالفعل في التوصل إلي إثبات شيء من ذلك‏.‏

وسورة النمل ـ كغيرها من العديد من سور القرآن الكريم من مثل سورة الشعراء السابقة عليها في المصحف الشريف‏,‏ وسورة القصص اللاحقة بها ـ تستعرض قصص عدد من الأمم الهالكة لاستخلاص العبرة‏,‏ والاستفادة بالتجربة‏,‏ وتعلم الدروس‏,‏ ومقارنة مواقف أبناء تلك الأمم البائدة بمواقف أمثالهم في مواجهة الرسالة الخاتمة في زمن الوحي وإلي زماننا الراهن حتي يوم الدين‏.‏

ويدور المحور الرئيسي لسورة النمل حول قضية العقيدة الإسلامية‏,‏ شأنها في ذلك شأن القرآن المكي كله‏.‏

وتبدأ سورة النمل بالحرفين المقطعين‏(‏ طس‏)‏ وهما من الفواتح الهجائية التي بدأت بها تسع وعشرون سورة من سور القرآن الكريم‏,‏ وقد سبق الحديث عنها في أكثر من مقال‏.‏ وبعد هذا الاستهلال تستمر الآيات في امتداح القرآن ووصف رسالته‏,‏ وامتداح النبي الخاتم الذي تلقاه ـ صلي الله عليه وسلم‏,‏ وفي مدح المؤمنين به‏,‏ والتمييز بينهم وبين غير المؤمنين إلي يوم الدين فتقول‏:‏

طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين‏*‏ هدي وبشري للمؤمنين‏*‏ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون‏*‏ إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون‏*‏ أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون‏*‏ وإنك لتلقي القرآن من لدن حكيم عليم‏*(‏ النمل‏:1‏ ـ‏6).‏

ثم استعرضت السورة الكريمة لمحات من قصص عدد من الأنبياء‏,‏ مؤكدة وحدة رسالة السماء التي تكاملت كلها في الرسالة الخاتمة التي بعث بها الرسول الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏,‏ ومن ذلك لمحة خاطفة من قصة نبي الله موسي‏(‏ علي نبينا وعليه من الله السلام‏)‏ في الآيات من‏(7)‏ إلي‏(14)‏ حين ناجاه ربه ـ سبحانه وتعالي ـ بالبقعة المباركة من أرض سيناء‏,‏ وكلفه بإبلاغ رسالته إلي فرعون وقومه‏,‏ وأعطاه تسع آيات تشهد له بالنبوة وبالرسالة‏,‏ ثم كيف كذب بها فرعون وملؤه‏,‏ واعتبروها ضربا من السحر ـ علي الرغم من تيقنهم صدقها ـ وفي ذلك يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين‏*‏ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين‏
*(‏ النمل‏:14,13).‏

ثم جاءت الآيات علي ذكر طرف من قصة نبي الله داود وولده النبي الملك سليمان ـ علي نبينا وعليهما من الله السلام ـ وذلك في الآيات‏(15)‏ إلي‏(44)‏ والتي جاء في مطلعها قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمدلله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين‏*‏ وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين‏*‏
‏(‏النمل‏:16,15).‏

وبعد ذلك انتقلت سورة النمل في الآيات من‏(45)‏ إلي‏(53)‏ إلي استعراض جانب من قصة نبي الله صالح‏(‏ عليه السلام‏),‏ وكان قومه من قبيلة ثمود في غالبيتهم من المفسدين في الأرض فدعاهم إلي الاستقامة علي منهج الله‏,‏ وإلي عبادته ـ سبحانه وتعالي ـ وحده ولكن كفار قومه عارضوه‏,‏ ورفضوا دعوته‏,‏ وسخروا منه‏,‏ ومكروا به‏,‏ وتآمروا عليه‏,‏ علي الرغم مما أيده الله ـ تعالي ـ به من معجزات شهدت بصدق نبوته‏,‏ ولذلك دمرهم رب العالمين‏,‏ ونجي نبيه صالحا والذين آمنوا معه‏,‏ وفي ذلك يقول الحق ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لايشعرون‏*‏ فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين‏*‏ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون‏*‏ وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون‏*(‏ النمل‏:50‏ ـ‏53).‏

ثم عرجت هذه السورة المباركة إلي طرف من قصة نبي الله لوط‏(‏ عليه السلام‏)‏ في الآيات‏(54)‏ إلي‏(58)‏ ووصفت صدود الكافرين‏,‏ الشواذ‏,‏ المفسدين في الأرض من قومه عن دعوته‏,‏ وتآمرهم عليه من أجل إخراجه ومن آمن معه من قراهم النجسة بدعوي أنهم أناس يتطهرون‏,‏ فأنزل الله العزيز الحكيم عقابه الصارم بهم ونجي نبيه لوطا والذين آمنوا معه وفي ذلك تقول الآيات‏:‏

ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون‏*‏ أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون‏*‏ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون‏*‏ فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين‏*‏ وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين‏*‏
‏(‏النمل‏:54‏ ـ‏58).‏

وتتوجه الآيات بعد ذلك بالخطاب إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ الذي فحواه‏:‏ قل الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي ا آلله خير أما يشركون‏*‏
‏(‏النمل‏:59).‏

وبعد ذلك مباشرة استعرضت الآيات من‏(60)‏ إلي‏(65)‏ عددا من حقائق الكون لتدلل بها علي وحدانية الله ـ سبحانه وتعالي ـ‏ وكررت بعد كل آية من هذه الآيات هذا الاستفسار التقريري‏,‏ التقريعي‏,‏ التوبيخي لكل مشرك في الوجود من زمن الوحي إلي قيام الساعة يقول فيه ربنا ـ تبارك وتعالي (‏ أ إله مع الله‏...‏؟‏),‏ ويأتي الجواب في كل مرة صادعا‏,‏ صادقا‏,‏ قويا مؤثرا بقول الحق ـ جل جلاله‏)(‏ بل هم قوم يعدلون‏)‏ أي يميلون عمدا عن الحق الواضح البين‏,‏ وهو التوحيد الخالص لله‏,‏ أو يصفهم بالجهل الفاضح كما في قوله ـ عز من قائل ـ‏(‏ بل أكثرهم لايعلمون‏),‏ أو بعدم الاعتبار بما حدث للأمم من قبلهم كما قال لهم ـ سبحانه وتعالي ـ‏(‏ قليلا ما تذكرون‏),‏ أو دحضا لافتراءاتهم فيقول ـ عز سلطانه ـ‏(‏ تعالي الله عما يشكرون‏),‏ أو استنكارا لفقدانهم الدليل في كل ما يدعونه من باطل فيقول لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن يطلب منهم الدليل بقوله‏الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Icon14‏قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين‏).‏

وتعاود الآيات في سورة النمل إلي انتقاد موقف المنكرين للآخرة‏,‏ والمتشككين في إمكان البعث‏,‏ وتصفهم بالعمي لأنهم لايرون الحق الأبلج الظاهر أمام أعينهم‏,‏ وتطالب خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ بتذكيرهم بعواقب المكذبين من الأمم السابقة فتقول‏:‏ قل لايعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون‏*‏ بل ادارك علمهم في الآخرة‏,‏ بل هم في شك منها بل هم منها عمون‏*‏ وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون‏*‏ لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين‏*‏ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين‏*
‏(‏ النمل‏:65‏ ـ‏69).‏

وتواسي الآيات رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ آمرة إياه بالتوكل علي الله‏,‏ ومؤكدة له أنه علي الحق المبين‏,‏ ومصبرة إياه في مواجهة المنكرين‏,‏ مؤكدة له أنهم قد حرفوا دينهم‏,‏ وأشتروا به ثمنا قليلا‏,‏ وأن علي الذين يبحثون عن الحق منهم ـ إن بقي بينهم طالب حق ـ أن يرجعوا إلي القرآن الكريم ليعلموا هذا‏,‏ وفي ذلك تقول الآيات‏:‏

ولاتحزن عليهم ولاتكن في ضيق مما يمكرون‏*‏ ويقولون متي هذا الوعد إن كنتم صادقين‏*‏ قل عسي أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون‏*‏ وإن ربك لذو فضل علي الناس ولكن أكثرهم لايشكرون‏*‏ وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون‏*‏ وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين‏*‏ إن هذا القرآن يقص علي بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون‏*‏ وإنه لهدي ورحمة للمؤمنين‏*‏ إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم‏*‏ فتوكل علي الله إنك علي الحق المبين‏*‏ إنك لاتسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين‏*‏ وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون‏*(‏ النمل‏:70‏ ـ‏81).‏

وتصف الآيات في سورة النمل بعد ذلك عددا من أحداث الآخرة‏,‏ مؤكدة جحود أغلب الناس بآيات الله المقروءة في القرآن الكريم‏,‏ والمخبوءة في ذوات أنفسهم‏,‏ والمنظورة في الآفاق الرحبة من حولهم‏,‏ وفي ذلك تقول‏:‏ وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لايوقنون‏*‏ ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون‏*‏ حتي إذا جاوءا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون‏*‏ ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لاينطقون‏*(‏ النمل‏:82‏ ـ‏85).‏

وتنتقل الآيات إلي عرض عدد آخر من آيات الله في الكون وتعاود التذكير بيوم البعث وأهواله‏,‏ وبعدد من الأحداث المصاحبة له‏,‏ وتصف تمايز الناس في هذا اليوم العصيب إلي آمنين مطمئنين‏,‏ وفزعين هالكين‏,‏ وتحدد جزاء كل منهم فتقول‏:‏

ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين‏*‏ وتري الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون‏*‏ من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون‏*‏ ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون‏*(‏ النمل‏:87‏ ـ‏90).‏

وتختتم سورة النمل بآيات علي لسان خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ وبتأكيد من الله ـ سبحانه وتعالي ـ علي أن كنوز المعرفة الكونية في القرآن الكريم سوف تكتشف بعد زمن الوحي‏,‏ مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية جيلا بعد جيل‏,‏ وأمة بعد أمة‏,‏ حتي يشهد كل عاقل في هذا الوجود بصدق الوحي بالقرآن الكريم‏,‏ مؤكدا مراقبة رب العالمين لعباده وفي ذلك تقول‏:‏

إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين‏*‏ وأن أتلوا القرآن فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين‏*‏ وقل الحمدلله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون‏*‏
‏(‏النمل‏:91‏ ـ‏93).‏

[size=21]من ركائز العقيدة في سورة النمل


‏(1)‏
الإيمان بالله ـ تعالي ـ ربا واحدا أحدا‏,‏ فردا صمدا‏,‏ لاشريك له في ملكه‏,‏ ولا منازع له في سلطانه‏,‏ ولا شبيه له من خلقه‏,‏ ولا حاجة به إلي الصاحبة أو الولد‏,‏ لأنه رب هذا الكون ومليكه‏,‏ وصاحب الحول والطول والقوة المطلقة فيه‏,‏ ولا حول ولا طول ولا قوة إلا به‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ ولأنه هو الخلاق‏,‏ الرزاق‏,‏ الفتاح‏,‏ العليم‏,‏ الغفور الرحيم‏,‏ العزيز‏,‏ الحكيم‏,‏ رب العرش العظيم‏,‏ واهب النعم ومجري الخيرات‏.‏ لذلك كان توحيد الله ـ تعالي ـ هو الركيزة الأساسية لكل رسالة سماوية‏,‏ والقاعدة الكبري لكل دين صحيح‏.‏

(2)‏ اليقين بأن الله ـ تعالي ـ منزه عن جميع صفات خلقه‏:‏ في ذاته‏,‏ وصفاته‏,‏ وأسمائه‏,‏ فلا يجوز دعاؤه بغير ما سمي به ذاته العلية‏,‏ ولايجوز وصفه إلا بما نعت به تلك الذات العلية‏,‏ ولايجوز إطلاق صفاته المطلقة علي شيء من خلقه لأن الخالق مغاير للمخلوقين مغايرة تامة‏,‏ ولايجوز حده بمكان أو زمان لأنه ـ تعالي ـ خالق كل من المكان والزمان‏,‏ ولا يجوز تجسيده في شكل مادة أو طاقة لأنه هو مبدعهما‏,‏ والمخلوق لايحد خالقه أبدا‏,‏ ومن هنا كان ادعاء الشريك‏,‏ أو الشبيه‏,‏ أو المنازع‏,‏ أو الصاحبة أو الولد من أبشع صور الكفر بالله ـ سبحانه وتعالي ـ‏,‏ لأن هذه كلها من صفات المخلوقين‏,‏ والخالق ـ جل جلاله ـ منزه عن جميع صفات خلقه‏.‏

(3)‏ الإيمان بوحي السماء‏,‏ وبالأخوة بين الأنبياء‏,‏ وبوحدة الرسالة السماوية التي أنزلت علي ثلاثمائة وبضعة عشر رسولا‏,‏ ثم جمعها الله ـ سبحانه وتعالي ـ وأتمها وأكملها وحفظها في الرسالة الخاتمة التي بعث بها الرسول الخاتم سيدنا محمد بن عبدالله ـ صلي الله عليه وسلم‏.‏

(4)‏ التصديق بحقيقة الآخرة‏,‏ وبحتميتها‏,‏ وضرورتها‏,‏ وبالعلامات التي أوردها الله ـ تعالي ـ عنها في القرآن الكريم والتي وصف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لنا في أحاديثه الشريفة جانبا منها‏,‏ والتي أوردت سورة النمل شيئا من أحداثها‏.‏

(5)‏ التسليم بالغيوب المطلقة التي جاء ذكرها في كتاب الله أو في سنة خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ لأن مثل هذه الغيوب لايمكن الوصول إليها بواسطة الإنسان مهما كانت قدراته‏,‏ ومهما تطورت أدواته وتقنياته‏.‏

(6)‏ اليقين بأن القرآن الكريم هو كلام الله الحكيم العليم الموحي به إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏,‏ والمحفوظ بين دفتي المصحف الشريف بنفس اللغة التي أوحي بها‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وهو الصورة الوحيدة من كلام رب العالمين المحفوظ بين أيدي الناس اليوم بنفس لغة وحيه دون أدني زيادة أو نقصان‏,‏ وعلي ذلك فهو‏(‏ كتاب مبين‏)‏ وهو‏(‏ هدي وبشري للمؤمنين‏)‏ ويقص علي أهل الكتاب‏(‏ أكثر الذي هم فيه يختلفون‏),‏ وإنه‏(‏ لهدي ورحمة للمؤمنين‏).‏

(7)‏ التصديق بجميع ما جاء بالقرآن الكريم من قصص الأولين‏,‏ وبالمعجزات التي أجراها الله ـ تعالي ـ علي أيدي أنبيائه تأييدا لهم وتأكيدا علي صدق رسالاتهم‏.‏

(8)
‏ التسليم بأن الله ـ جلت قدرته ـ هو خالق السماوات والأرض‏,‏ ومنزل الماء من السماء‏,‏ وهو الذي ينبت نبات الأرض وأشجارها بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وهو الذي‏(‏ جعل الأرض قرارا‏,‏ وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي‏,‏ وجعل بين البحرين حاجزا‏...).‏

(9)‏ الإيمان بأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ هو الذي‏(...‏ يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء‏...)‏ ويجعل الناس خلفاء الأرض‏,‏ وأنه ـ تعالي ـ يهدي خلقه‏(...‏ في ظلمات البر والبحر‏...)‏ و‏(...‏ يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته‏...),‏ وأنه جل جلاله ـ هو الذي‏(...‏ يبدأ الخلق ثم يعيده‏...)‏ وهو الذي يرزق عباده من السماء والأرض‏,‏ ويعلم وحده الغيب وهو ـ سبحانه ـ صاحب الفضل والمنة علي خلقه أجمعين‏,‏ ويعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون‏,‏ ويقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم‏,‏ ولذا فهو المستحق للحمد والشكر والتوكل عليه‏.‏

(10)‏ اليقين بأن الله ـ تعالي ـ يوم خلق السماوات والأرض حرم مكة المكرمة‏,‏ وجعل حرمها حرما آمنا إلي يوم القيامة‏,‏ وأنه ـ سبحانه وتعالي ـ هو رب السماوات والأرض ومن فيهن‏,‏ وهو قيوم السماوات والأرض ومن فيهن فله كل شيء بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صاحبة ولا ولد‏,‏ ومن هنا كانت ضرورة الخضوع لجلاله بالعبادة والطاعة‏.‏

(11)‏ التصديق بأن الله ـ تعالي ـ سوف يري خلقه عظيم آياته التي أنزلها في محكم كتابه‏,‏ والتي أبرأها في الأنفس والافاق وذلك باتساع دوائر المعرفة الإنسانية حتي يشهد كل ذي بصيرة أن القرآن الكريم هو كلام الله الحق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ وحفظه في صفائه الرباني‏,‏ وإشراقاته النورانية‏,‏ فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه‏,‏ وبذلك يبقي شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين‏,‏ وحجة الله البالغة بعد انقطاع الوحي وختم نبوة الأنبياء ورسالات المرسلين‏.‏

من التشريعات الإسلامية في سورة النمل

‏(1)‏ الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وبتحريم السجود لغير الله‏.‏

(2)‏ تحريم كل صور الخروج علي فطرة الله ـ تعالي ـ تحريما قاطعا‏,‏ وفي مقدمتها مختلف صور الشذوذ الجنسي الذي ابتدعه المنحرفون من قوم لوط وانتشر في عالم اليوم انتشار النار في الهشيم إلي الحد الذي دفع العديد من الحكومات الغربية إلي التشريع له وبه في دساتيرها وقوانينها التي وصل بها الانحطاط إلي حد التشريع بزواج الأمثال من الشواذ‏,‏ والسماح لهم بالتبني والتوارث مما أصبح يهدد مؤسسة الأسرة بالزوال في مجتمعاتهم‏,‏ ويهدد الجنس البشري كله بالفناء‏.‏

(3)‏ النهي عن الظلم لأنه من أخطر صور الإفساد في الأرض‏,‏ ولأن الله ـ تعالي ـ قد حرمه علي ذاته العلية وجعله علي عباده محرما‏,‏ وأنذر بأن عواقبه وخيمة‏.‏

(4)
‏ الأمر بالحرص علي صحبة الصالحين‏,‏ وعلي مداومة الشكر لرب العالمين‏,‏ وعلي استغفاره وطلب رحمته‏,‏ وعلي جميل التوكل عليه طلبا لعونه‏.‏

(5)
‏ الحث علي مداومة تلاوة القرآن الكريم‏,‏ وعلي تدبر معاني آياته‏,‏ والحرص علي إلزام النفس بهدايته لأنه هو الكتاب المبين الذي أنزله الله ـ تعالي ـ بعلمه هدي ورحمة وبشري للمؤمنين‏.‏


من الإشارات الكونية في سورة النمل



‏(1)‏ التأكيد علي حقيقة الآخرة‏,‏ والعلوم المكتسبة تؤكد حتمية وقوعها‏.‏

(2)
‏ ذكر عالمي الغيب والشهادة‏,‏ وثابت علميا اليوم أن الغيوب في الجانب المادي للكون تفوق المشاهد المدرك بتسعة أضعاف علي أقل تقدير‏.‏

(3)‏
الإشارة إلي أن كل مخلوق ـ مهما تضاءلت صورته ـ له قدر من الوعي والإدراك‏,‏ والإحساس والشعور‏,‏ والذاكرة‏,‏ وقدرة الحكم علي الأشياء والمواقف بمنهجية صحيحة‏,‏ والتعبير عن ذاته‏,‏ وانطباعاته‏,‏ وأفكاره ومشاعره‏,‏ وعلي مشاركة غيره في ذلك‏.‏ وله قدر من الإيمان الفطري بالله‏,‏ والتسبيح غير الإرادي‏,‏ والعبادة التسخيرية‏,‏ وأن الله ـ تعالي ـ يهب لمن يشاء من عباده القدرة علي استيعاب ذلك وفهمه والتفاعل معه‏.‏ والدراسات المستحدثة في علم سلوك الحيوان تشير إلي شيء من ذلك‏.‏

(4)‏ الإشارة إلي سرعات فائقة تقترب من سرعة الضوء‏,‏ وذلك من مثل السرعة التي تم بها نقل عرش الملكة بلقيس من أرض سبأ إلي بيت المقدس في أقل من طرفة عين‏,‏ ومثل هذه السرعات الفائقة لم يعرف إلا في القرن العشرين‏.‏

(5)‏ وصف بيوت قوم ثمود بأنها اليوم خاوية‏,‏ وهي حقيقة أثرية قائمة‏.‏

(6)‏ التأكيد علي خلق السماوات والأرض بالحق‏,‏ وإلي العديد من صفات الأرض‏,‏ ومنها أن الله ـ تعالي ـ قد جعلها قرارا‏,‏ وجعل خلالها أنهارا‏,‏ وجعل لها رواسي‏,‏ وجعل بين البحرين حاجزا‏,‏ وكلها من الحقائق التي لم تتوصل إليها المعارف المكتسبة إلا مؤخرا‏.‏

(7)‏ التلميح إلي هداية الله ـ سبحانه وتعالي ـ لعباده في ظلمات البر والبحر بواسطة أضواء نجوم السماء ونور القمر‏,‏ والإشارة إلي تصريف الرياح‏,‏ وإلي دورة الماء حول الأرض‏,‏ وإلي إنبات الأرض بمجرد نزول الماء عليها‏.‏

(8)‏ التأكيد علي أن الله ـ تعالي ـ يبدأ الخلق ثم يعيده‏,‏ ويرزق عباده من السماء والأرض‏,‏ والعلوم المكتسبة تدعم ذلك وتؤيده‏.‏

(9)‏ الإشارة إلي جعل الليل للسكن والراحة ولذا كان مظلما‏,‏ وجعل النهار للكدح والعمل ولذلك كان مبصرا‏,‏ والتلميح إلي دوران الأرض حول محورها أمام الشمس بتبادل كل من الليل والنهار‏,‏ وبمرور الجبال مر السحاب وهي تبدو للناظر إليها وكأنها جامدة راسخة في أماكنها‏.‏

(10)‏
الانباء بأن البشرية ـ في تطورها العلمي والتقني المطرد ـ سوف تتأكد من صدق القرآن الكريم في كل ما جاء به من حقائق علمية وتاريخية ودينية‏,‏ وهذا ما بدأ تحققه في أيامنا هذه‏.‏

وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها‏,‏ ولذلك فسوف أقصر الحديث هنا علي النقطة الثامنة من القائمة السابقة والتي يقول فيها الحق ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين‏*(‏ النمل‏:64).‏

من الدلالات العلمية للنص القرآني الكريم


في قوله تعالي‏(‏ أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده‏...*):


أجمع المفسرون علي أن هذا النص الكريم يشير إلي الخلق الأول للكون والحياة والإنسان ثم إلي إعادة بعث ذلك كله بعد إفنائه الحتمي قبل يوم القيامة‏,‏ ولكن الفعل المضارع في قوله ـ تعالي (‏ أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده‏...)‏ يشير إلي أنها عملية متكررة في حياتنا الدنيا‏,‏ كما قد تشمل الخلق الأول والبعث بعد الإفناء‏.‏ ونحن نري عملية الخلق وإعادته جلية في دورة الحياة والموت والتي تقطعها عملية تكاثر الأحياء من أجل استمرارية الحياة إلي أن يشاء الله فتأتي الموتة الكبري التي يموت علي إثرها كل حي ثم العودة الكبري للحياة التي يبعث عندها كل ما كان قد مات‏.‏

(1)‏ دورة الخلق والإعادة في الأحياء‏:‏

تعتبر القدرة التي وهبها الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ للأحياء علي التكاثر بمعني إعطاء نسل قادر علي الاستمرار بالحياة ضرورة لبقاء الأنواع الحية إلي أن يشاء الله ـ تعالي‏.‏

تتكاثر الخلايا الحية بالانقسام حيث تنقسم الخلية الواحدة إلي خليتين‏,‏ ولما كانت الخلية الحية ـ علي ضآلتها في الحجم ـ بناء يفوق في تعقيده أكبر المصانع التي أنشأها الإنسان بل التي فكر في إنشائها ولم يتمكن بعد من تحقيق ذلك‏,‏ فإن عملية انقسام الخلية الحية لتكوين خليتين متماثلتين هي عملية بالغة التعقيد ولايستطيعها إلا الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ‏,‏ وتعرف باسم استنساخ أو مضاعفة الخلايا‏(CellReplication).‏ فالخلية الحية لها عقل يعرف باسم النواة‏,‏ وتحتوي النواة علي عدد من الجسيمات الصبغية الدقيقة التي يتحكم عددها في نوع الحياة‏,‏ وتحمل الجسيمات الصبغية أعدادا هائلة من المورثات التي تتحكم في كل صفات الخلية وأنشطتها المختلفة‏.‏

وهذه المورثات‏(‏ التي يقدر عددها في الخلايا البشرية بحوالي الأربعين ألف مورث‏)‏ عبارة عن وحدات محددة من الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسيجين‏DeoxyribonucleicAcid(DNA)‏ الذي تنبني به الجسيمات الصبغية‏(‏ الصبغيات‏).‏

ويسمي مجموع جزيئات الحمض النووي الريبي منزوع الأكسيجين في نواة الخلية الحية باسم المجين الوراثي‏Genome),‏ وتسمي القائمة المرتبة لجميع القواعد النيتروجينية الموجودة في مجين أي كائن حي باسم الخريطة الوراثية‏GeneticMap.‏

ويحتوي المجين البشري علي‏(302)‏ بليون زوج من القواعد النيتروجينية‏(Nitrogenous****sor****Pairs)‏ المرتبة ترتيبا دقيقا يعطي لكل فرد من بني آدم بصمة وراثية خاصة به تميزه عن البلايين التي تملأ جنبات الأرض اليوم‏,‏ والبلايين التي عاشت وماتت والذين سوف يعمرون الأرض من بعدنا إلي قيام الساعة‏.‏

ولما كانت كل قاعدة من هذه القواعد النيتروجينية تستند إلي جزيئين أحدهما من السكر والآخر من الفوسفور فإن المجين البشري في الخلية الواحدة من خلايا جسم الإنسان والتي لايتعدي طول قطرها في المتوسط‏(03,..‏ مم‏)‏ يحتوي علي‏(18,6)‏ بليون من الجزيئات الكيميائية التي تمثل حروف الشيفرة الوراثية للإنسان‏,‏ والميراث الذي يعاد بواسطته الخلق حتي يرث الله الأرض ومن عليها‏.‏ ولعل التباديل والتوافيق بين هذا الكم الهائل من الحروف هو الذي يعطي لكل فرد من بني آدم شيفرته الوراثية المميزة له مهما بلغ عدد أبناء وبنات آدم ـ عليه السلام ـ‏.‏

وانطلاقا من ذلك فإن عملية تكاثر الأحياء تعتمد علي إعادة توزيع الصفات الوراثية المنحدرة من أبينا آدم ـ عليه السلام ـ إلي الأبوين بحيث يستلم كل فرد من بني آدم نصيبه من المخزون الوراثي الذي خلقه الله ـ تعالي ـ في صلب أبي البشرية‏,‏ وبذلك يعاد الخلق‏,‏ وتتم المحافظة علي استمرارية الحياة من جيل إلي آخر إلي نهاية كل موجود في الحياة الدنيا‏.‏ وجوهر عملية الانقسام الخلوي هو التسلسل المنتظم لعدد من الأحداث المعقدة التي تؤمن التوزيع المحدد للشيفرة الوراثية للخلايا الناتجة من أجل إيجاد كائن له صفات وراثية محددة مستمدة من الأصل الذي خلقه الله ـ سبحانه وتعالي ـ في صلب أبينا آدم ـ عليه السلام‏.‏

وعملية انقسام الخلايا إما أن تتم بطريقة مباشرة تؤدي إلي إنتاج خليتين متطابقتين من الخلية الأم‏,‏ وتعرف هذه الطريقة باسم الانقسام التفتلي للخلية‏(MitoticCellDivisionorMitosis)‏ وفيه ينقسم كل جسيم صبغي طوليا ليعطي نظيرا له وذلك في عمليات النمو وعمليات ترميم المعطوب من الخلايا وإما أن تتم عملية انقسام الخلية انقساما اختزاليا‏(‏ منصفا‏)(MeioticCellDivisionorMeiosis)‏ من أجل إنتاج خلايا التكاثر‏(‏ النطفي‏)‏ التي تحمل كل خلية منها نصف عدد الأجسام الصبغية المحدد للنوع‏.‏ وذلك لكي يتكامل هذا العدد بالتزاوج الذي جعله الله الخالق سنة فطرية من سنن الحياة‏,‏ وينتج عن التزاوج عملية إخصاب النطف وتكون النطف الأمشاج التي تتخلق عنها الأجنة ويعاد الخلق‏,‏ مع إتاحة الفرصة للتنوع المبهر عن أصل واحد‏,‏ والتوزيع الحكيم للصفات المتوارثة الذي يعطي لكل فرد بصمته الوراثية المميزة له عن غيره‏.‏

وحتي في التكاثر غير الجنسي والذي يتم في كثير من النباتات وفي بعض الكائنات الحيوانية البسيطة‏,‏ والذي يتم إما بالانشطار‏(Fission)‏ الذي يوزع صبغياتها الهائمة في سائل الخلية بالتساوي‏,‏ أو بالتبرعم‏(Budding),‏ أو بالتجرثم‏(Sporulation),‏ أو بالتكاثر الخضري‏(VegetativeReproduction)‏ مثل أشطاء القمح والشعير والذرة‏,‏ ودرن البطاطا وغيرها‏.‏

وفي هذه الصورة البسيطة للتكاثر قد تكون هناك عوامل كامنة للزوجية لم تدرك بعد كي تحقق توزيع الشيفرة الوارثية من الآباء للأبناء انطلاقا من قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون‏*(‏ الذاريات‏:49).‏
وحتي في حالة الخنثي من الحيوانات التي تحمل الخلايا الذكرية والأنثوية في جسد واحد فإن عملية الإخصاب تتم بتبادل خلايا التكاثر الذكرية مع غيرها من أفراد نوعها وبذلك تتنوع الصفات الوراثية من فرد إلي آخر‏.‏ ومن الكائنات الحية ما يمكن أن يتبادل طرائق التكاثر الجنسي وغير الجنسي بطريقة دورية أو شبه دورية ليعاد الخلق من جيل إلي آخر‏.‏

(2)‏ دورة الخلق والإعادة في الجمادات‏:‏

نري اليوم تخلق النجوم في صفحة السماء من دخان السدم‏,‏ كما نري انفجارها وتحولها إلي دخان السماء ليخلق منه نجم جديد‏.‏

ونري الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات‏,‏ والنيازك والشهب تتخلق عن نجوم السماء ثم تبتلعها الثقوب السوداء التي تظل تبتلع من مختلف صور المادة والطاقة حتي تصل إلي كتلة حرجة فتنفجر إلي دخان السماء‏.‏

ونري العناصر تتخلق في داخل النجوم من غاز الإيدروجين بعملية الاندماج النووي حتي تصل إلي تحول قلب النجم بالكامل إلي الحديد‏,‏ فينفجر النجم وتتناثر أشلاؤه في صفحة السماء لتصل إلي أجرام تحتاج إلي هذا الحديد ليدخل في دورة أخري من دورات نشاطه الكيميائي‏,‏ أو تبقي نوي ذرات الحديد معلقة في السماء تصطاد من اللبنات الأولية للمادة ما يرتقي بها إلي العناصر الأعلي في وزنها الذري‏,‏ ومنها العناصر المشعة التي وهبها الله ـ تعالي ـ القدرة علي التحلل التلقائي بمعدلات ثابتة حتي تصل إلي نظير ثابت أي غير متحلل إشعاعيا‏.‏

وهذه كلها صور من دورات الخلق والإعادة‏,‏ وأمثالها علي الأرض وفي السماء عديد من مثل دورة ثاني أكسيد الكربون‏,‏ ودورة الماء‏,‏ ودورة الصخور وغيرها‏.‏

هذه الدورات التي تشهد للخالق ـ سبحانه وتعالي بطلاقة القدرة وببديع الصنعة وإحكام الخلق هي من صور بدء الخلق وإعادته‏,‏ وإشارة القرآن الكريم لها من قبل أن تصل العلوم المكتسبة إليها بألف وأربعمائة سنة لمما يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لايمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية ـ وحفظه كلمة كلمة كلمة وحرفا حرفا في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ حتي يبقي حجة الله علي العباد إلي يوم الدين وشهادة صدق النبي والرسول الخاتم ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه وعلي من تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين‏.‏
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد عاقول
المشرف العام
محمد عاقول


عدد المساهمات : 538
نقاط : 729
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
العمر : 47

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالثلاثاء 13 يوليو 2010 - 18:36


جزاكم الله خيرا اختنا المجاهدة
وجعل الله هذا العمل فى ميزان حسناتك يوم القيامة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-tantawy.ahlamontada.com
ابراهيم السعيد

ابراهيم السعيد


عدد المساهمات : 460
نقاط : 542
تاريخ التسجيل : 12/05/2010
العمر : 50

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالثلاثاء 14 سبتمبر 2010 - 16:56

شكرا لك اختنا الفاضلة فى الله
وجزاكم والشيخ الكبير الدكتور الفاضل
زغلزل النجار
خيرا وتقبل منا ومنكم صالح العمل

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيخ سلمان

الشيخ سلمان


عدد المساهمات : 286
نقاط : 308
تاريخ التسجيل : 01/05/2010

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأحد 10 أكتوبر 2010 - 23:43

باااااااااااااااااااااااارك الله فيكم أختنا الفاضلة وجزاااااااااااااااااااكم الله تعالى خيرا وتقبل منا ومنكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المجاهدة

المجاهدة


عدد المساهمات : 144
نقاط : 191
تاريخ التسجيل : 13/05/2010
العمر : 34

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالأربعاء 27 أكتوبر 2010 - 23:04

اللهم صل على سيدنا محمد...جزاكم الله خيرا ونفع الله بنا وبكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
على عبد الدايم

على عبد الدايم


عدد المساهمات : 329
نقاط : 333
تاريخ التسجيل : 26/07/2010
العمر : 53

الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل    الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل  I_icon_minitimeالخميس 28 أكتوبر 2010 - 7:27

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإشارات الكونية في القرآن الكريم فى سورة النمل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير القرآن الكريم كاملا للمرحوم الشيخ محمد متولى الشعراوى
» الأمسية التى اذيعت بالأمس باذاعة القرآن الكريم - البقرة والقصار - 7-11-2010
» الشيخ احمد الشحات لاشين وتلاوة من سورة النمل عزاء السنبلاوين 14-11-2010 فيديو
» الشيخ حسن على عزب وتلاوة من سورة النمل بمولد الشيخ جودة بمينيا القمح شرقيه 14-7-2010
» بناءا على طلب أ/ رضا الشناوى - اليكم إعادة لقرآن الجمعة من المسجد الكبير بمنشأة الاخوة أجا30-7-2004 وهو لما تيسر له من آخر سورة النمل والانشقاق ، تلاوة الشيخ / محمد عبدالوهاب الطنطاوى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوى :: الدعوة إلى الله :: منتدى القراءات والتجويد وعلـوم القرآن الكـريم وتفسيره-
انتقل الى: